شبهة(ان الله يمسك السماء ان تقع علي الأرض )


بسم الله والصلاه والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه وبعد:
إن قيل: السماء في اللغة: هي كل ما علا فأظل، وعليه يصح أن يقال لكل ما علا الأرض: سماء، ومعلوم أن الأرض في صفحة الكون أصغر من حبة رمل في صحراء شاسعة، فكيف يقول القرآن: إن الله يمسك السماء أن تقع على الأرض، وهل يصح أن يقال: وقع جبل على حبة رمل؟ !! - فالجواب: في نفس السؤال: 1- إذا عرّفنا السماء بأنها كل ما علا فأظل: فما علا وأظل: يتبعض ويتجزأ، ويقرب ويبعد، ويخصص ويعمم، ويطلق على ما كان في جهتها؛ قال الإمام الطبري: وإنما سُميت السماءُ سماءً: لعلوها على الأرض وعلى سُكانها من خلقه، وكل شيء كان فوق شيء آخرَ: فهو لما تحته سَمَاءٌ. ولذلك قيل لسقف البيت: سَمَاوةٌ، لأنه فوقه مرتفعٌ عليه؛ ولذلك قيل: سَمَا فلان لفلان، إذا أشرف له، وقَصَد نحوه عاليًا عليه. انتهى - قال تعالى: {مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ ((فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ)) ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ} (سورة الحج: 15) أي: ليربط حبلًا في سقف بيته يقطع به نَفَسَهُ ليختنق. - قال الامام البغوي: {مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ} يعني: نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم {فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ} بحبل {إِلَى السَّمَاءِ} أراد بالسماء سقف البيت على قول الأكثرين، أي: ليشدد حبلا في سقف بيته فليختنق به حتى يموت. انتهى - ومنه تسمية السحاب: سماء لعلوه وتظليله؛ فعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ قَالَ صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلاَةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ، عَلَى أَثَرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلِ.... (رواه البخاري وأحمد) فقوله: على أثر سماء، أي: عقب مطر كان من الليل؛ وكذلك يقول الناس: السماء تمطر. يقصدون: سحاب السماء. - ويقال: أكلت مائدة شهية. لملاصقة الطعام، فإنما أكل الطعام الذي عليها، ليس المراد عند سامع ولا متكلم: أنه أكل خشب المائدة. ويقال أضاءت الغرفة؛ وإنما أضاء المصباح، لملاصقة الإضاءة لبنائها. ويقال: حلق رأسه؛ وإنما حلق شعر رأسه، لملاصقة الرأس للشعر المحلوق.. وكتسمية ما يفرشه المصلي ليصلي عليه: سجادة: لكونها يلتصق بها فعله للسجود. ومنه تسمية المساجد: صلاة، لكونها مواضع أداء المكلفين للصلاة. ويقال: صلت المساجد، والمراد: صلى أهلها. - فكذلك هنا، يصح أن يقال: تسقط السماء؛ والمراد: شيء من أجرامها. 2- ثم الآية بتمامها: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} (سورة الحج: 65) - فالآية تتكلم عن تسخير المنافع للناس وحفظ هذه المنافع لهم. أ- والدليل: قوله تعالى: {سخر لكم....} أي: لأجل انتفاعكم، فلاحظ أن الخطاب للناس. ب- ومنه قوله تعالى فيها: {والفلك تجري....} يعني: تجري ((بكم)) في البحر، وهذا يشمل تسخير الماء والريح للناس أيضًا، فهذا مما يدل على تخصيص السياق. ج- ومنه قوله تعالى: {ويمسك السماء....} يعني: أن تسقط فوق الأرض بما يفسد منافعكم في الأرض، لأن السياق في ذكر ما سخره الله من المنافع. - قال الإمام الرازي: والمعنى: أنه أمسكها لكي لا تقع فتبطل النعم التي أنعم بها. انتهى د- إذن المراد بالذي يسقط: هو المقدار الكفيل بإهلاككم وإفساد منافعكم، الذي هو جزء من السماء لا كل السماء. - وفي نفس الوقت هو كل السماء بالنسبة لكم، طالما كان ما هو سماء بالنسبة للناس: ليس هو كل جرم السماء. ه- ومنه قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ ((بِالنَّاسِ)) لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} - فصرح بأن المقصود من السماء: هو ما يحصل بإسقاطه إنهاء الرأفة، ورفع الرحمة، وإنزال العقوبة، مما هو واقع فوق رءوس سكان الأرض لا غير. و- وأيضًا: فإنه يصح أن أقول: سقطت (البطانية) فوق كوب ماء، وأقول: سقطت العمارة فوق الرجل، ولا يراد في شيء من ذلك كل (البطانية) ولا كل حجر في بناء العمارة، وتقول: الطائرة في السماء؛ ومرادك: أنها في جهة العلو في جانب أو نقطة من السماء، لا في كل طبقاتها وجوانبها. ز- فالأرض مثل الكرة، وبما أن السماء فوق كل نقطة من سطح الأرض: لزم أن تكون السماء مثل الكرة. - وليس هناك نقطة على سطح كرة الأرض ليس فوقها نقطة من كرة السماء. - وإذن فكل نقطة من كرة السماء يصح أن تسمى سماء بالنسبة للنقطة التي تحتها من كرة الارض - فإذا أخذنا نقطة أو نقطًا مما يطلق على سماء بالنسبة للأرض، وأسقطناه من أعلى على ما تحته من كرة الأرض: صح أن نقول: السماء تقع على الأرض، تريد من قولك البعض لا الكل. - وهذا هو ما فهمه المشركون من العرب، قال تعالى: {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا.... أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا} (سورة الإسراء: 90، 92) - قال الإمام البغوي: {أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا} قرأ نافع وابن عامر وعاصم بفتح السين أي: قِطَعًا؛ وهي جمع "كِسْفَةٍ" وهي: القطعة والجانب. مثل: كسرة وكسر. انتهى

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شبهة ان اوان انقطاع ابهري

شبهةقول_النبي_انكتها؟

شبهة_اقتباس_الاسلام_من_الزرادشتيه