شبهة امرنا مترفيها ففسقوا فيها

بسم الله والصلاه والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه وبعد:
يقولون :
أ _ كيف يرضى الإله العادل بإهلاك الناس لا لشيء إلا لأنه اراد ذلك حيث قال ( إذا اردنا ان نهلك قريه) ؟ ب - وكيف يأمر بالفسق لانه قال ( امرنا مترفيها ففسقوا فيها ) ؟ والجواب : أ _ دعنا نتأمل الآية كاملة دون بتر جزء فقط كما فعل السائل ! قال تعالى : "مَّنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۗ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا(15) وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا " . سورة الإسراء إذا ! فالمولى عز وجل لايعذب قرية إلا بعد أن يبعث بالرسل . فما هي وظيفتهم في القرى ؟ الجواب : رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165) سورة النساء "وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا (55)وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِين " سورة الكهف . وعليه فالخالق عز وجل بحكمته وعدله لايعذب إلا بعد بعث النذر . والله عز وجل لايريد بعباده الظلم فعن أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم قال : قال تعالى : ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ...) صحيح مسلم. و إن كل ما يحدث من حوادث في الكون كله تحت إرادة الله . ولو شاء لأهلك الناس جميعا ولن يقدر أحد على رد قضائه أو يعقب لحكمه . لكنه برحمته وفضله من علينا بنعمة الحياة ثم رغبنا في حياة أفضل وهي الحياة الأبدية بعد الممات. فإرادته عز وجل لاتقتضي الظلم . بل الحق والعدل . وإرادة إهلاك القرية بسبب فسقها وجورها وطغيانها وهذا يتبين من مختلف الآيات في محكم التنزيل : 1-( وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا ) الكهف 59 . 2-( قل أرءيتكم إن اتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون ) الانعام 47 . 3- ( كدأب ءال فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا ءال فرعون وكل كانوا ظالمين )الانفال54 . 4- ( وقال الذين كفروا لنخرجنكم من أرضنا او لتعودن فى ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ) ابراهيم 13 . 5- ( وما كنا مهلكى القرى إلا واهلها ظالمون ) القصص 59 . 6- ( اهم خير أم قوم تبع والذين من قبلهم اهلكناهم إنهم كانوا مجرمين ) الدخان 37 . إذن فهذا إيضاح من الله يؤكد فيه أن هلاكه وعذابه لا يقع إلا على من يظلم . أما الله فلا يظلم احد: 1- ( ذلك ان لم يكن ربك مهلك القرى بظلم واهلها غافلون )الانعام 131 . 2- ( وما ربك بظلام للعبيد ) فصلت 46 . 3- ( وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون ) هود 117 . ====================== ب _ دعوى أمر الله بالفسق دعوى ظاهرة البطلان وفاسدة من كل النواحي . فقد قال المولى عز وجل : 1-۞ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلَا تَنقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا ۚ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ......... النحل 2-۞ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58) .... النساء 3-وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ۖ ...... طه 132 4- وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5).... البينة 5-وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا ۗ قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ۖ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ(28) قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ۖ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ....... الأعراف فالله جل جلاله وتعالى علوا كبيرا عما يقولون لايأمر إلا بالعدل والقسط وينهى عن الفحشاء والمنكر ويحرم الظلم . ... وتحريفهم لمعنى الآية نابع من جهلهم بلغة العرب . فالخالق عز وجل لم يقل *أمرنا مترفيها ليفسقوا فيها * بل قال بما معناه أمرنا مترفيها .. ثم هم فسقوا فيها . فهو تعالى أمرهم بالعدل والقسط ... لكنهم عصوا أمره ففسقوا فيها . وأنقل لكم قول المفسرين بذلك : جاء في تفسير الشعراوي : المراد من الايه : أمرنا مترفيها بطاعتنا وبمنهجنا , ولكنهم خالفوا وعصوا وفسقوا , لذلك حق عليهم العذاب . والامر : طلب من الأعلى , وهو الله تعالى إلى الادنى , وهم الخلق طلب منهم الطاعة والعبادة , فأستغلوا فرصة الأختيار ففسقوا وخالفوا أمر الله ...... ب- تفسير الشنقيطى : في معنى قوله { أّمرنا مترفيها } في هذه الآية الكريمة ثلاثة مذاهب معروفة عند علماء التفسير : الأول - وهو الصواب الذي يشهد له القرآن ، وعليه جمهور العلماء - أن الأمر في قوله { أمرنا } هو الأمر الذي هو ضد النهين وأن نتعلق الأمر محذوف لظهوره . والمعنى { أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا } بطاعة الله وتوحيده ، وتصديق رسله وأتباعهم فيما جاؤوا به { فَفَسَقُواْ } اي خرجوا عن طاعة أمر ربهم ، وعصوه وكذبوا رسله { فَحَقَّ عَلَيْهَا القول } اي وجب عليها الوعيد { فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً } أي أهلكناها إهلاكاً مستاصلا . وأكد فعل التدمير بمصدره للمبالغة في شدة الهلاك الواقع بهم . وهذا القول الذي هو الحق في هذه الآية تشهد له آيات كثيرة . كقوله : { وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَآ آبَاءَنَا والله أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ الله لاَ يَأْمُرُ بالفحشآء } [ الأعراف : 28 ] الآية . فتصريحه جل وعلا بأنه لا يأمر بالفحشاء دليل وضح على أنه قوله { أمرنا مترفيها ففسقوا } أي أمرناهم بالطاعة فعصوا . وليس المعنى أمرناهم بالفسق ففسقوا . لأن الله لا يأمر بالفحشاء . ومن الآيات الدالة على هذا قوله تعالى : { وَمَآ أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ وَقَالُواْ نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } [ سبأ : 34-35 ] . فقول في هذه الآية { وَمَآ أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ } الآية . لفظ عام في جميع المترفين من جميع المترفين من جميع القرى أن الرسل أمرتهم بطاعة الله فقالوا لهم : إنا بما أرسلتم به كافرون ، وتبجحوا بأموالهم وأولادهم . والآيات بمثل ذلك كثيرة . وهذا القول الصحيح في الآية جار على الأسلوب العربي المالوف ، من قولهم : أمرته فعصاني . اي أمرته بالطاعة فعصى . وليس المعنى : امرته بالعصيات كما لا يخفى .......... ج – تفسير الطبرى : وَمَعْنَى قَوْله : { فَفَسَقُوا فِيهَا } : فَخَالَفُوا أَمْر اللَّه فِيهَا , وَخَرَجُوا عَنْ طَاعَته { فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْل } يَقُول : فَوَجَبَ عَلَيْهِمْ بِمَعْصِيَتِهِمْ اللَّه وَفُسُوقهمْ فِيهَا , وَعِيد لِلَّهِ الَّذِي أَوْعَدَ مَنْ كَفَرَ بِهِ , وَخَالَفَ رُسُله , مِنْ الْهَلَاك بَعْد الْإِعْذَار وَالْإِنْذَار بِالرُّسُلِ وَالْحُجَج ) اه د – تفسير القرطبى : الباقون أمرنا من الأمر ; أي أمرناهم بالطاعة إعذارا وإنذارا وتخويفا ووعيدا . ففسقوا أي فخرجوا عن الطاعة عاصين لنا . فحق عليها القول فوجب ، عليها الوعيد ; عن ابن عباس . وقيل : أمرنا جعلناهم أمراء ) اه ه _ تفسير بن كثير : وقيل : معناه : أمرناهم بالطاعات ففعلوا الفواحش فاستحقوا العقوبة . رواه ابن جريج عن ابن عباس ، وقاله سعيد بن جبير أيضا . [ ص: 62 ] وقال ابن جرير : وقد يحتمل أن يكون معناه جعلناهم أمراء ) اه
هذا والله اعلي واعلم وصلي الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شبهة ان اوان انقطاع ابهري

شبهةقول_النبي_انكتها؟

شبهة_اقتباس_الاسلام_من_الزرادشتيه